• العودة إلى مقالات
  • /
  • هل يُمكن أن تُؤثّر مُنتجات العناية بالبشرة التي أستخدمها على خصوبتي؟

هل يُمكن أن تُؤثّر مُنتجات العناية بالبشرة التي أستخدمها على خصوبتي؟

Products

من الشائع بين النساء شراء كميات كبيرة من مُستحضرات التجميل ومُنتجات العناية بالبشرة؛ تكون بعض هذه المُستحضرات والمُنتجات هي المُفضّلة لدينا ونَستخدمها كلّ يوم، أمّا البعض الآخر فنادراً ما نستخدمه ونضعه في الجزء الخلفي من الخزانة. ولكن من منّا يَستطيع أن يُعدد المُكوّنات المُحددة التي تحتوي عليها مُستحضرات التجميل؟ من منّا يأخذ بعين الاعتبار الكمية الهائلة من المواد الكيميائية التي تَحتوي عليها الكثير من هذه المُنتجات والتي تُضاف إليها لتمديد فترة صلاحيتها أو منع سيلان المكياج على الوجه؟ هل فكّرنا يوماً في تأثير هذه المواد المُضافة والحافظة على مناطق أخرى من جسمنا؟ 

ما هي مُسببات اضطراب غدد الصمّ؟

باتت تحظى مُسببات اضطراب غدد الصمّ بمزيدٍ من الاهتمام على الصعيد العالمي، إذ إنّها موجودة في العديد من المُنتجات التي نَستخدمها بشكلٍ يومي، بما في ذلك مُنتجات العناية الشخصية ومُستحضرات التجميل. مُسببات اضطراب غدد الصمّ هي مواد كيميائية بيئية تُحاكي عمل الهرمونات أو تمنعها من تأدية عملها؛ أحياناً من خلال الارتباط بالمواقع التي يُفترض أن ترتبط بها الهرمونات الداخلية وأحياناً أخرى من خلال منع إنتاج الهرمونات أو استقلابها. التناسل (الإنجاب) هو عملية تُنظّمها الهرمونات وبالتالي فهو عُرضة للآثار السلبية الناتجة عن المواد الكيميائية التي تُسبّب اضطراب غدد الصمّ. ويُمكن أن تَظهر هذه الآثار السلبية على شكل ضعف في الخصوبة، وعقم، وعدم انتظام الدورات الشهرية، وعدم حدوث الإباضة، وخلل في نوعية البُويضات (والحيوانات المنوية). لا تَزال الآليات المُحددة التي تَستخدمها مُسببات اضطراب غدد الصمّ لتُعيق الخصوبة غير واضحة. ولكن مع تزايد إدراكنا لمدى انتشار هذه المواد الكيميائية بالإضافة إلى استمرار مُعدّلات العقم في الارتفاع، ربّما أصبح هناك حاجة إلى فهم أعمق لهذا الموضوع.

ما هي المواد الكيميائية التي يجب أن أنتبه لها في المُنتجات التي أستخدمها؟

تتمثّل إحدى مشاكل مُسببات اضطراب غدد الصمّ في وجود عدد كبير منها وقد يكون من الصعب تجنّبها جميعها، خاصةً عند مُحاولة تحديد المُكوّنات المُؤذية ضمن قائمة من المُكوّنات التي تكون أحياناً طويلة جداً ويتعذّر حتّى لفظها.

تكون الكثير من مُسببات اضطراب غدد الصمّ غير دائمة، أي بمعنى آخر يتم إزالتها من الجسم بشكلٍ سريع وبالتالي لا تتراكم في الجسم. غير أنَّ استخدام نفس المُنتجات بشكلٍ مُتكرر على فترة زمنية طويلة يُؤدّي إلى تعرّض المرأة لهذه المُسببات بشكلٍ مُستمرّ وعلى فترة طويلة.

سوف نُقدّم أدناه قائمة ببعض مُسببات اضطراب غدد الصمّ الأكثر شيوعاً في مُستحضرات التجميل ومُنتجات النظافة الشخصية. ومن المُمكن القول إنَّ عدد البيانات المُتعلّقة بالأغلبية العُظمى من هذه المُسببات قليلٌ جداً بالإضافة إلى وجود نقص في الاستنتاجات النهائية، ولكننا سنُحاول تقديم مُلخّص عن المعلومات المُتوفّرة حالياً.  

الفثالات

نَجدها في مُنتجات العناية الشخصية. وفي ما يتعلّق بمُستحضرات التجميل، تَدخل مُعظم الفثالات إلى الجسم من خلال امتصاصها عن طريق الجلد. وتُشير الدراسات على الحيوانات إلى أنَّ استهلاك جرعة عالية من الفثالات يُخفّض مُستويات الأستروجين ويَمنع حدوث الإباضة ولكن لا تُوجد بيانات مُماثلة لدى الإنسان. ركّزت الدراسات البشرية بشكلٍ أساسي على الأزواج الذين يخضعون لتجميد الأجنّة بالتلقيح في المُختبر (IVF)، حيث يبدو أنَّ زيادة التعرّض للفثالات تَرتبط بانخفاض إنتاج البُويضات. وقد أظهرت إحدى الدراسات أنَّ وجود كمية زائدة من الفثالات في البول يَرتبط بانخفاض عدد الجُريبات. ولكن لم تتوصّل أي دراسة أخرى إلى هذه النتائج.

يُعتبر وقت الحمل (أي الوقت الذي تَستغرقه المرأة لتُصبح حاملاً) TTP علامة على قابليتها للحمل. عند دراسة الآثار المُترتّبة عن الفثالات، اختلف وقت الحمل بين دراسةٍ وأخرى. وكان هناك أدلّة على أنَّ بعض الفثالات قد خفّضت وقت الحمل. كذلك، لم تكن دائماً الآثار مُتجانسة بين الرجال والنساء. لهذا السبب، من الضروري في الدراسات المُستقبلية تقييم مُستويات تعرّض كلا الزوجين للفثالات. وبشكلٍ عام، لا تتوفّر حالياً البيانات الكافية التي تَسمح بالتوصّل إلى استنتاجات نهائية. 

تريكلوسان (TCS) وتريكلوكاربان (TCC)

وهما مواد مُضادّة للجراثيم موجودة في الصابون ومُنتجات النظافة الشخصية، مثل معجون الأسنان ومُزيل العرق. يَحدث التعرّض من خلال امتصاص هذه المواد عن طريق الجلد أو تناولها. ونظراً لتزايد المخاوف حول مُواصفات السلامة لهذه المواد، تقوم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بتنظيم استخدامها في المُنتجات الاستهلاكية.

وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات احتمال أن يكون التريكلوسان مُضادّاً لهرمون الأستروجين، ويُعيق إنتاج هرمون ملوتن (LH) والهرمون المُنبّه للجُريب (FSH)، ويَرتبط وجوده بانخفاض وزن المبيض والرحم. لا تزال الدراسات على الإنسان محدودة، ولكن تبيّن أنَّ مُستويات التريكلوسان المُرتفعة تُؤدّي إلى انخفاض احتمال نجاح عملية تجميد الأجنّة بالتلقيح في المُختبر ويُمكن أن تُؤثّر أيضاً على نوعية الحيوانات المنوية لدى الذكور. لا تُوجد حالياً أي بيانات تَربط بين التريكلوسان أو التريكلوكاربان من جهة ووقت الحمل من جهة أخرى.   

البنزوفينونات

تُضاف البنزوفينونات إلى المُنتجات لتمديد فترة صلاحيتها من خلال توفير حماية من الأشعّة فوق البنفسجية. وهي موجودة في واقي الشمس، وأحمر الشفاه، ومُثبّت الشعر، ومُرطّبات الجسم. وبالتالي، فهي تَدخل عادةً إلى الجسم عن طريق الجلد. استناداً إلى دراسات أجريت في المُختبر (زرع الخلايا) وأخرى على الحيوانات، وجد الباحثون أنَّ هناك مخاوف حول تأثير البنزوفينونات على الخصوبة، حيث تبيّن أنَّ للبنزوفينونات نشاطاً شبيهاً بالأستروجين وتُؤثّر على مُدّة دورة الحيض لدى الفئران. حتّى اليوم، لم يتم إجراء أي دراسة تَدعم هذه النتائج لدى الإنسان، أمّا الدراسة الوحيدة التي تناولت وقت الحمل، فقد أجريت على الذكور فقط. 

على الرغم من وجود نقص في البيانات التجريبية حالياً، إلّا أنَّ ثمّة إمكانية لتخزين مُستقلبات هذه المُنتجات في الأنسجة الدهنية، مما يَسمح بتمديد الوقت الذي تَحتاجه لتُؤثّر سلباً على مناطق أخرى من الجسم. وبالتالي، فإنَّ إدراكنا لوجود هذه الإمكانية يَستدعي إجراء المزيد من الأبحاث حول آلية عمل هذه المُستقلبات. 

البارابينات

تُستخدم البارابينات بشكلٍ كبير في مُستحضرات التجميل لأنّها تعمل كمواد حافظة. وغالباً ما يتم إضافة أكثر من بارابين واحد إلى المُنتَج إذ يُمكن أن تَعمل بشكلٍ مُتآزر. وتُستخدم على نطاق واسع جداً؛ وفي الواقع، تَمكّن استقصاء الصحّة الوطنية وفحص التغذية (NHANES) في عاميّ 2005/2006 من الكشف عن بعض البارابينات الأكثر شيوعاً لدى أكثر من 90% من المُشاركين. كما تبيّن أيضاً وجودها بمُستويات أعلى لدى النساء من الرجال.

وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات أنَّ النشاط الأستروجيني للبارابينات ضعيفٌ كما أنّها مُضادّة للأندروجين، مما يعني أنّها تمنع عمل الهرمونات الجنسية الذكرية. وقد أظهرت الدراسات على الإنسان وجود علاقة بين مُستويات البارابين المُرتفعة، والدورات الشهرية القصيرة، وانخفاض عدد الجُريبات. وقد تمَّ ربط زيادة التعرّض لمُستقلبات بارابينات مُعيّنة بوقت أطول للحمل، ولكن تُلاحَظُ هذه العلاقة لدى النساء فقط. كذلك، لم تتوصّل أي دراسة أخرى إلى هذه النتائج. 

إثيرات الجليكول

وهي مجموعة من المذيبات التي كانت تُستخدم سابقاً في مجال الصناعات، ولكنّها أصبحت تُضاف اليوم بشكلٍ مُتزايد إلى مُنتجات العناية الشخصية مثل العطر والصابون السائل لأنّها تُعتبر ذات سمية حادّة مُنخفضة. يُستخدم حالياً أكثر من 30 نوعاً من إثيرات الجليكول، ويمتلك كلّ نوعٍ منها خصائصاً وسموماً مُختلفة.

شملت مُعظم الأبحاث التي أُجريت حتّى اليوم دراسات مهنية، بحيث أفادت النساء العاملات في صناعة أشباه الموصلات بحدوث اضطراب في الدورات الشهرية لديهنَّ وزيادة خطر التعرّض لإجهاض. وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات أنَّ أنواعاً مُختلفة من إثيرات الجليكول تُؤثّر سلباً على عمل المبيضين ولكن ما زال يَلزم إجراء دراسات على الإنسان لتأكيد هذه النتائج. ثمّة احتمال وجود علاقة بين ارتفاع مُستويات التعرّض لمُستقلبات مُعيّنة من جهة وزيادة وقت الحمل من جهة أخرى، ولكن ما زال يَلزم تأكيد هذه النتائج الأولية.   

في الختام

من الصعب الإجابة على السؤال الرئيسي الذي يَطرحه هذا المقال. هل من المُمكن أن تُؤثّر مُحتويات رفوف الحمّام لديكِ و/أو حقيبة المكياج الخاصة بكِ على قدرتكِ على الإنجاب؟ كذلك، عندما نتعرّض في حياتنا اليومية للعديد من المواد الكيميائية المُختلفة، هل سيكون من المُمكن تحديد المواد التي قد تُسبّب لنا ضرراً فعلياً وملموساً؟

عند إجراء أبحاثٍ عن هذا الموضوع، أصبح من الواضح جداً وجود ثغرات كبيرة في معرفتنا وتَبقى العديد من الأسئلة من دون أجوبة:

  • في حال وجود مُسببات مُتعددة لاضطراب غدد الصمّ في نفس المُنتَج، هل يكون لديها أثرٌ تآزري أم تراكمي؟
  • تُعتبر القدرة على إنجاب الأطفال (القابلية للحمل) عملية مُعقّدة تَرتبط بالزوجين. يتعرّض الذكور أيضاً لمُسببات اضطراب غدد الصمّ في حياتهم اليومية، ما مدى تأثير ذلك على خصوبة الزوجين؟ هل تكون المواد الكيميائية هي نفسها عادةً أم تكون مُختلفة؛ وهل يُمكن أن يكون للمواد التي تُعتبر غير مُؤذية للنساء آثارٌ سلبية على الجهاز التناسلي للرجال؟
  • تَستند الاستنتاجات التي نَسعى إلى التوصّل إليها في هذه المرحلة بشكلٍ كبير إلى دراسات أُجريت على الحيوانات. يَستخدم عادةً الباحثون الذين يدرسون الحالات البشرية مُعدّل نجاح و/أو فشل تجميد الأجنّة بالتلقيح في المُختبر كمقياس. ما زال يَلزم إجراء المزيد من الأبحاث لدراسة وقت الحمل عبر استخدام جرعات من المواد الكيميائية ذات صلة بالبيئة. 

إذاً، ما هو وضعنا حالياً؟ تُقدّم الأبحاث الأولية عدداً قليلاً فقط من الاستنتاجات القاطعة ولكنّها تُساهم بالتأكيد في زيادة الوعي حول مدى استخدام بعض هذه المواد الكيميائية. لربّما حان الوقت للتوقّف عن استخدام المُنتجات المُحمّلة بالمواد الكيميائية والتي تمتلك مُواصفات سلامة غير كاملة؟ على الرغم من أنَّ البيانات لا تزال غير حاسمة من منظور علمي، إلّا أنَّه في الواقع، بات يرغب عددٌ أكبر من الأشخاص في معرفة المُكوّنات التي تحتوي عليها المُنتجات التي يَستخدمونها. لهذا السبب بدأت تزداد “مُستحضرات التجميل النظيفة”؛ وهي مُنتجات تحتوي على مُكوّنات طبيعية وخالية من المواد الكيميائية.   

المصدر:

  • Cho, Yeon Jean, et al. “Nonpersistent Endocrine Disrupting Chemicals and Reproductive Health of Women.” Obstetrics & Gynecology Science, vol. 63, no. 1, Jan. 2020, pp. 1–12., doi:10.5468/ogs.2020.63.1.1.
  • Hipwell, Alison E, et al. “Exposure to Non-Persistent Chemicals in Consumer Products and Fecundability: a Systematic Review.” Human Reproduction Update, vol. 25, no. 1, 1 Jan. 2019, pp. 51–71., doi:10.1093/humupd/dmy032.
  • Rattan, Saniya, et al. “Exposure to Endocrine Disruptors during Adulthood: Consequences for Female Fertility.” Journal of Endocrinology, vol. 233, no. 3, June 2017, pp. R109–R129., doi:10.1530/joe-17-0023.
  • Smarr, Melissa M., et al. “Urinary Concentrations of Parabens and Other Antimicrobial Chemicals and Their Association with Couples’ Fecundity.” Environmental Health Perspectives, vol. 125, no. 4, Apr. 2017, pp. 730–736., doi:10.1289/ehp189.
Follow by Email
Twitter
Visit Us
Follow Me
LinkedIn
Share