ما وراء العلاقة بين الكنّة والحماة 

كثيرة هي القصص والروايات التي تناولت علاقة الكنّة بالحماة كحرب أزلية لا تنتهي, رغم أن الخلاف بين الطرفين ناجم عن اختلاف الشخصيات  وطريقة التّعامل حقيقةً. 
فقد بيَنَت الإحصائيات العالمية  في  دراسة أجراها  معهد «جيتوليو فارغاس» البرازيلي المختص بالشؤون الاجتماعية عبر الإنترنت  مع 1800 امرأة من مختلف الجنسيات أن العلاقة بين الحماة والكنة تحسنت كثيراً  بنسبة 72% بعد 10 – 15 سنة من الزواج. ولعلّ هذه النتيجة دليل على أن العلاقة تتحسن بين كلا الطّرفين  كلّما فهمت كل منهما  شخصية الاخرى .  يُعَد الاختلاف في الشّخصيات  سواء بين الكنة والحماة أو بين الناس بصفة عامة أمرا طبيعيا لاختلاف  البشر في خَلْقهم، وخُلُقهم، ومَلكاتهم، وخصائصهم، وألوانهم، ولُغاتهم، وطرق تفكيرهم، وقدراتهم الإدراكية؛ مثل ورد في احدى آيات الله الكريمة  ﴿ مِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾
ولا أخفيكم سرّا , لقد كنت متخوّفة جدّا في بداية زواجي متسائلة كيف ستكون علاقتي بحماتي نتيجة ما سمعته من سلفتي عن أنها كثيرة التدخل والفضول و تحاول السيطرة على ابنها. لقد كان همّي الوحيد كسب قلب حماتي وكسر ذاك الحاجز الجليدي بيننا, فقررت منذ البداية أن أحسن معاملتها لتحسن هي الاخرى معاملتي .
وكنت مدركة  أنّ السبب الرئيسي للخلافات بين الحماة والكنة حسب تجارب صديقاتي ينتج عن محبّة نفس الشّخص "الرّجل" مما جعلني أسعى لتقريب علاقتها مع ابنها، فأحثّه على تفقّدها ومهاتفتها بصورة مستمرّة وقضاء حاجياتها. ، كنت كلما قربت العلاقة بينهما وجدتها تقرّب هي الاخرى  علاقتي مع زوجي فتحاول حلّ الاشكال والتوفيق  بيننا كلما نشب خلاف. كنت لا أبخل عليها بهدية في المناسبات وأعياد الأمهات, فكنت كلّما أقدم لها هدية إلا وتقبَلني بمعزة كبيرة قائلة "شكرا لك ابنتي".
غير أن الإشكال الوحيد الذي كان بيننا هو  كثرة تدخّلها في ترتيب منزلي, لتخبرني دائما أنه علي ايلاء ذاك أهمية، وكثيراً ما أثار هذا الامر انزعاجي، وكنت أصغي اليها دون مناقشتها الى أن تذكرت يوما نصيحة زميلة لي " التواصل والتحاور هو مفتاح نجاح العلاقات" . قررت التحاور معها في هذا الموضوع وأخبرتها أنه من الصعب جدّا التوفيق بين مهامي في العمل ومهامي المنزلية الى جانب متطلبات  زوجي  والطبخ وغيرها  فهذه الأمور المرهقة تحول بيني وبين ترتيب المنزل يوميا ، وانتهى النقاش وهي تنظر  الي دون الرد.
وفي اليوم التالي, عندما عدت الى المنزل بعد يوم مرهق من العمل ودخلت المطبخ كالعادة لإعداد العشاء,  وجدت صينية عشاء  فوق الطاّولة. استغربت وتوجهت الى غرفتها وسألتها لماذا أرهقت نفسك يا حماتي, فوشوشت قائلة أن العشاء هو هدية لابنتي بعد يوم طويل ومنذ اليوم هذه هديّتك كلّ ليلة فلا مبرّر بعد الآن لعدم ترتيب المنزل, ضحكت وعانقتها كمعانقتي لوالدتي. عدت الى  غرفتي ورويت الى زوجي ما فعلته امه الليلة فضحك  وقال بابتسامة "هنيئا لك, فقد استطعت كسب قلب والدتي ".
كثيرات في العمل من كن يشتكين من علاقاتهن مع كنتهن أو حماتهن, وكنت أبقى صامتة دون مشاركة. سألتني صديقتي في إحدى المرات لماذا لا تحديثينا عن علاقتك بحماتك, فأجبت حقيقيةً لا يوجد كنّة أو حماة سيئة بل هناك معاملات وأفعال وحسن التعامل يجعلك تنالين قلوب الاخرين والإساءة تكسر كلّ شيء جميل . 
اذ أن نجاح العلاقات يتوقف على مدى رغبتنا في إنجاحها, وقد كان هدفي منذ البداية كسب قلب حماتي وليس الدخول في خلافات ومناوشات معها لا تنتهي.
قالت احدى الصّديقات لكن حماتي تسعى دائما إلى التدخل بيني وبين زوجي و الى تمرير آرائها وقراراتها وقمع حريتي وطمس شخصيتي وهذا أمر يزعجني و يدخلني  في دوامة من الخلافات التي لا تنتهي. قاطعتها قائلة عزيزتي هل حاولت يوما طلب المشورة والنصيحة منها فأجابتني" لا أبدا, فكيف أطلب منها المشورة والنّصح وأنا أدرى بمصلحتي ومصلحة زوجي". 
وضحت لها أن الاختلاف بينهما ناتج عن الاختلاف في الشخصيات  لذلك, لا بأس  بمحاولة فهمها والتواصل معها, فهي في النهاية أكبر منك سنا وخبرة وإنجاح علاقتك معها يتوقف على طريقة تعاملك معها, يمكنك  مثلا تركها تتخذ القرارات في الأمور العادية والبسيطة التي لا تؤثر على حياتك الزوجية. اتركي لها بعض المساحة والحريّة لاتخاذ القرار. لا تقومي بمعارضتها  ولا تجادليها وحاولي أن يكون اتخاذ القرار النهائي قائم على اتفاق بينك وبين زوجك.كذلك, ليس من الضروري أن يكون هدف الحماة السيطرة أو التسلط, شعورها بأنها الأقدر على رؤية الأمور بشكل اصح قد يكون نتيجة ظنها أنها أكبر سناً وتجربة.
كل ما يجب فعله لإنجاح العلاقة مع الحموات هو الإصغاء والتفهم. الحماة  أم لزوجك أفنت عمرها في تربيته ليكون سندها في الكبر. من المؤلم لها أن تجد نفسها بعيدة عنه. حاولي التفهم و التعلم من تجربتهن العميقة ،فبعد تجربتي  مع حماتي أدركت في النهاية أن سبب فشل علاقة سلفتي بحماتي هو معاملتها الخاطئة فالسرّ عزيزتي  يكمن في حسن المعاملة والمعاشرة .