الأسباب المحتملة للبلوغ المبكر عند الفتيات

يُعرّف سنّ البلوغ بأنّه الوقت الذي يَنضج فيه جسم الطفل إلى جسم شخص بالغ قادر على الإنجاب. عند الفتيات، تكون فترة البلوغ عادةً بين سن 10 و 14، وتتضمن بعض المظاهر الجسدية كنمو الثدي وظهور شعر الإبط والعانة والنمو المفاجئ والحيض وحب الشباب. و يُعتقد من الناحية البيولوجية، أنّ البلوغ عند الفتيات يحدث بسبب زيادة في هرمون يسمى GnRH(الهرمون المطلق لمُوَجّهَة الغُدَدِ التناسُلِيَّة)، والذي يُحفّز المبيضَين على إطلاق هرمون آخر يُسمَى الاستروجين. وهو هرمون الجنسي الأنثوي الأساسي اللازم لتطور الثدي وحدوث بعض التغيرات الفيزيولوجية الأخرى التي تُشاهَد خلال فترة البلوغ.

انخفض متوسط ​​سن البلوغ على مدى 200 سنة الماضية. في القرن التاسع عشر، كانت تدخل الفتيات عادة سن البلوغ بين 15 و17 سنة. يُعتَقد أنّ هذا التغيير في متوسط ​​سن البلوغ يحدث نتيجة عدة عوامل، تشمل تحسين التغذية وارتفاع مؤشر كتلة الجسم وزيادة عدد مُسببات اضطرابات غدد الصمّ في بيئة القرن الحادي والعشرين. وقد أشار بعض الباحثين إلى أنّ سن البلوغ يستمر في الانخفاض، وهو أمر مثير للجدل، إلا أنّ دراسات أخرى وجدت أنّه لا يوجد تغير يذكر في السنوات العشرين الماضية.

البلوغ المُبكر

ومع ذلك، هناك فتيات يدخُلن مرحلة البلوغ قبل أوانها، وتُسمَى أيضاً سن البلوغ المبكّر، ويمكن أن يحدث ذلك في سن مبكرة عند عمر 7 أو 8 سنوات. ويُعتَقَد حدوث ذلك بسبب تفاعل مُعقّد بين العوامل الوراثية وغدد الصمّ والعوامل البيئية، مما يزيد المشاكل النفسية والاجتماعية والصحية التي قد تتعرض لها هذه الفتيات أثناء نموهن كانخفاض تقدير الذات ومشاكل مظهر الجسد الخارجي، إضافة إلى زيادة التعرض لما يسمى الهرمونات الجنسية التي يمكن أن تزيد خطر إصابة هؤلاء الإناث بسرطان الثدي والمبيض.

مُسببات اضطرابات غدد الصمّ

كما أنّ زيادة الملوثات البيئية هي أحد العوامل الرئيسة التي يُعتقد أنها تشارك في البلوغ المبكر. وغالباً ما تحتوي هذه الملوثات على مواد كيميائية تدخل الجسم عن طريق الماء والهواء والغذاء. ويمكنها أيضاً الانتقال من الأم إلى الجنين عبر المشيمة (ما قبل الولادة) وحليب الثدي (بعد الولادة)، لذلك يَستَحيل تجنّبها. عندما تقوم هذه المواد الكيميائية بأنشطة شبيهة بالهرمونات يُشار إليها باسم مُسببات اضطرابات غدد الصمّ، منها فيتو استروجينات  (طبيعية المصدر) وثنائي إيثيل ستيلبوستيرول (صناعي). وعادةً ما يكون تأثيرها عن طريق الارتباط بمستقبلات الهرمونات مما يقلل فرصة ارتباط الهرمونات الطبيعية بمستقبلاتها  المعروفة. يُزعزع هذا الارتباط التنافسي التوازن الدقيق لمستويات الهرمون ويُسبّب تأثيرات واسعة النطاق. عندما ترتبط مُسببات اضطرابات غدد الصمّ بمستقبلات هرمون الاستروجين، فإنّ ذلك لا يؤدي فقط إلى زيادة الحساسية تجاه الإستروجين، بل يؤدي أيضاً إلى تعطيل مستويات GnRH الذي يكون هاماً لبدء سن البلوغ كما ذُكِرَ أعلاه. 

لا تُعتبر مُسببات اضطرابات غدد الصمّ العامل الوحيد

لقد تم تحديد وجود مُسببات اضطرابات غدد الصمّ في المبيدات الحشرية ومنتجات التنظيف ومستحضرات التجميل والأصبغة والبلاستيك، وبالتالي فإنّ التعرض لها أمر لا مفر منه. إذاً، لماذا لا تعاني سوى بعض الفتيات من البلوغ المبكر؟ 

حسناً، لا تزال الإجابة الدقيقة على هذا السؤال بعيدة المنال. ومع ذلك، هناك العديد من العوامل التي تُؤثر على بداية سن البلوغ، بما في ذلك الوراثة والخلفية العِرقية (على سبيل المثال، الأمريكيون الأفارقة يدخلون عادة البلوغ في وقت أبكر من الأمريكيين البيض) ومؤشر كتلة الجسم (كلما كان مؤشر كتلة الجسم أعلى كان البلوغ مبكراً). في الواقع، قد يُفسّر هذا العامل الأخير سبب وجود تناقضات في الدراسات العلمية الحديثة. وقد أظهرت الدراسات التي أُجرِيَت في الولايات المتحدة الأمريكية استمرار  انخفاض سن البلوغ مع  ازدياد مؤشر كتلة الجسم بينما لم تشهد الدراسات التي تم إجراؤها في مناطق أخرى من العالم وكانت فيها مؤشرات كتلة الجسم أكثر ثباتاً كشمال أوروبا هذا الانخفاض.
 
تُذكَر نقطة واحدة أخيرة تَزيد من تعقيد الموضوع، أنّ بعض مُسببات اضطرابات غدد الصمّ تُسبّب تأثيراً معاكساً وتُؤَخّر سن البلوغ. يعود ذلك مرة أخرى إلى  تعديل مستويات الهرمون صناعياً مما يُبرز صعوبة الوصول إلى إجابة محددة عندما يتعلق الأمر بعمر البلوغ “الطبيعي”.

تُعيد شركة نبتة بناء الرعاية الصحية للمرأة. نحن ندعم المرأة في رحلتها الصحية الشخصية من الصحة اليومية إلى التجارب الخاصة بها مثل الخصوبة والحمل وسن الأمل.

تواصلوا معنا في حال لديكم أي سؤال حول هذا المقال أو أي جانب من جوانب صحة المرأة. نحن هنا من أجلكم.

المصدر:

  • Juul, A, et al. “Pubertal Development in Danish Children: Comparison of Recent European and US Data.” International Journal of Andrology, vol. 29, no. 1, Feb. 2006, pp. 247–255., doi: 10.1111/j.1365-2605.2005.00556.x .
  • Mouritsen, A, et al. “Hypothesis: Exposure to Endocrine-Disrupting Chemicals May Interfere with Timing of Puberty.” International Journal of Andrology, vol. 33, no. 2, Apr. 2010, pp. 346–359., doi:10.1111/j.1365-2605.2010.01051.x.
  • Özen, S, and S Darkan. “Effects of Environmental Endocrine Disruptors on Pubertal Development.” Journal of Clinical Research in Pediatric Endocrinology, vol. 3, no. 1, Mar. 2011, pp. 1–6., doi: 10.4274/jcrpe.v3i1.01.
  • Roy, J R, et al. “Estrogen-like Endocrine Disrupting Chemicals Affecting Puberty in Humans–a Review.” Medical Science Monitor, vol. 15, no. 6, June 2009, pp. RA137–145., www.medscimonit.com/download/index/idArt/869670.
  • Puberty. MedlinePlus, medlineplus.gov/puberty.html.