ما مدى دقة فحص الحمل المنزلي؟

أول ما تفكّر به المرأة عندما تظن أنها حامل هو إجراء فحص حملٍ منزلي. وفي ظل وجود الكثير من فحوصات الحمل التي تدعي أنها تقدم نتائج موثوقة تتنبأ بوجود الحمل في وقت مبكر وحتى قبل أربع أيام من حدوث الحيض، تُعتَبَر هذه الوسائل سريعة، ومعقولة الثمن، وخالية من المخاطر ويمكن استخدامها في منزلك بكل أريحية.
لذلك ما من عجبٍ في معرفة أن استخدام هذه الأدوات شائعٌ جدًا، لكن بعض النساء قد يتسائلن، وهن مُحقّات في فضولهن: ما مدى دقة فحص الحمل المنزلي وكيف يمكن الحصول على نتائج أكثر دقة من فحص الحمل المنزلي؟

ما هو مبدأ عمل فحوصات الحمل المنزلية؟
تعرف الكثير من النساء بالفعل مبدأ عمل فحص الحمل المنزلي، حتى لو لم يتم تجرّبته من قبل بصورة شخصية. إنَ هذه الأدوات شائعة الظهور في الأفلام والمسلسلات (لا سيما الدرامية منها) ويوجد الكثير من العلامات التجارية. من السهل جدًا أن تلمحها المرأة وتتعرف عليها على رفوف الصيدليات ومعظم محلات السوبر ماركت.

تعمل هذه الأدوات وفق مبدأ بسيط جداً يتمثل في أن تمسك المرأة العصا (لأن هذه الأدوات غالبًا ما تأتي على شكل عصا صغيرة مستطيلة) تحت مجرى البول، ثم الانتظار بضع دقائق لكي تؤدي الأداة عملها، بعدئذ تدلّ شاشة صغيرة على النتيجة، بعضها يكتب “نعم” أو “لا”، وبعضها يكتفي بالرمز “+” أو “-“، وقد يكون أكثر وضوحًا: “حامل” أو “غير حامل”. حريّ بالذكر أن بعض الأدوات تقدم تقدير لعمر الحمل (عدد أسابيع الحمل).

أما من الناحية العلمية، فهذه الأدوات تعمل من خلال كشف مستويات هرمون مُوَجِهة الغدد التناسلية المشيمائية في البول. يُدعى هذا الهرمون “هرمون الحمل”، وهو يُفرز طبيعيًا بمجرد أن تنغرس البيضة المُلقحة في جدار الرحم. يتضاعف مستوى إفراز هرمون الحمل كل يومين أو ثلاثة أيام، حتى يصل لأقصى مستوى له عند حوالي الأسبوع العاشر من الحمل .

هل فحوصات الحمل المنزلية دقيقة بالفعل؟
من الصائب القول أن معظم فحوصات الحمل المنزلية دقيقة بشكل معقول، شرطَ التقيُد بتعليمات الاستخدام.غالباً ما تكون معظم النتائج الإيجابية صحيحة، لكن النتائج السلبية ليست دقيقة دائمًا. في حال بيَن فحص الحمل المنزلي نتيجة سلبية، ومضى موعد الدورة الشهرية دون قدومها وتظنين أنك حامل: نوصي بإعادة الاختبار بعد بضع أيامٍ من تأخّر الدورة.

من الجدير بالذكر أن اختبار الحمل المنزلي قد يعطي نتيجة سلبية خاطئة في حال إجرائه في وقت مبكرٍ جدًا من حدوث الحمل. يعود ذلك إلى وجود فاصل زمني يتراوح من ثمانية إلى عشرة أيام بين الحمل وانغراس البويضة المُخصبة في جدار الرحم حيث يتم إفراز هرمون الحمل. إن أجرَيت اختبار الحمل المنزلي في هذه الفترة، فلن يعطيك إلا نتائج سلبية خاطئة. بهذا الصدد، تجهل الكثير من النساء الوقت الدقيق الذي تم حدوث الحمل فيه، بل وحتى إن عرفن ذلك، يصعب جدًا تحديد متى حدث انغراس البويضة المُلقحة في بطانة الرحم لا سيما عندما تكون الدورة الشهرية غير منتظمة. لذلك تعدّ النساء اللواتي يعانين من اضطراب الدورة الشهرية أكثر عرضة لرؤية نتائج سلبية كاذبة، وغالبًا ما يصعب عليهن تحديد موعد الدورة الشهرية القادمة.

من ناحية أخرى، قد تؤثر بعض الأدوية على نتائج فحوصات الحمل المنزلية وتعطي نتيجة خاطئة. تتضمن هذه الأدوية ما يُستَخدَم لعلاج مختلف أنواع الحساسية، فضلًا عن مضادات القلق، ومضادات الذُهان، ومُضادات الاختلاج، وأدوية الخصوبة. على النقيض من ذلك، لا تؤثر المضادات الحيوية وحبوب منع الحمل الفموية على دقة فحوصات الحمل المنزلية. مع ذلك، وفي حال كنت تتناولين أي أدوية وتعتقدين أنك قد تكوني حامل، ينبغي عليك حجز موعد مع طبيب. من الضروري القيام بذلك للتأكد ما إن كنت حاملًا أو لا، ولمناقشة التدابير الوقائية اللازم اتخاذها في حال استمررتِ بتناول تلك الأدوية طيلة فترة الحمل.

يكون ظهور نتائج إيجابية كاذبة أمر نادر، إلا أنها مُمكنة الحدوث، وهي غالبًا ما تظهر نتيجة فقدان مبكر جدًا للحمل. تنتهي ما يتراوح من 15 إلى 20% من حالات الحمل بحدوث إجهاض تلقائي، وهو يحدث غالبًا قبل أن تدرك المرأة أنها قد حملت. إنَ ظهور فحوصات الحمل المنزلية التي يمكن استخدامها قبل حتى دورة الحيض المقبلة، رفع من احتمالات ظهور نتائج إيجابية كاذبة، مما يستدعي الإنتظار قبل إجراء فحص الحمل المنزلي حتى قدوم الدورة الشهرية.

كيف يمكن زيادة دقة فحص الحمل المنزلي؟
كما ذكرنا منذ قليل، نوصيك بالانتظار -على الأقل- حتى اليوم الذي تتوقعين فيه حدوث الطمث وقدوم الدورة الشهرية للحصول على نتيجة أكثر دقة. لطالما تسائلت الدراسات عن مصداقية مزاعم مصنعي فحوصات الحمل المنزلية، والتي تدعي بأن تكشف الحمل بدقة حتى قبل أربع أيام من حلول الدورة. وتوافق هذه الدراسات ذاتها أن استعمال هذه الأدوات في اليوم المتوقع لحدوث الطمث غالبًا ما يعطي نتائج دقيقة بالفعل. بهذا الصدد، تستطيع معظم فحوصات الحمل المنزلية كشف أكثر من 50% من حالات الحمل في حال أُجريت في اليوم المتوقع لحدوث الطمث.

هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية، توجد عدة خطوات تستطيع زيادة دقّة فحص الحمل المنزلي مثل إجراء فحص الحمل أول شيء في الصباح، حيث تكون نِسَب هرمون الحمل في أعلى مستوياتها. كذلك, يمكن تجنب تمديد البول (خفض تركيزه) من خلال عدم شرب أي سوائل قبل إجراء الاختبار مباشرةً. من الضروري الحرص على تعرض العصا (فحص الحمل) لما يكفي من البول (في حال الشك بذلك، يمكن جمع عينة من البول في وعاء وغمس الأداة هناك). بعد ذلك, تأكديّ من انتظار الوقت الكافي حتى ظهور النتيجة. بعدئذ تأكدي من إعطاء الشاشة نتيجة، إذ يدل ذلك أنَ الفحص يعمل.

وختامًا، تشكل هذه الفحوصات أدوات قيمة لبيان الحمل سريرياً. شخصياً، تم كشف حالتي الحمل لدي باستخدام فحص حمل منزلي اشتريته من محل تجاريّ. وفي الحالتين، انتظرت حلول اليوم الذي من المفترض أن تأتي فيه دورتي، وبعد أن أسفر الفحص عن نتيجة إيجابية، لم أقوم بأي إجراء أو التحقق من النتيجة حتى قمت بفحص الموجات فوق الصوتية الخاص بالأسبوع 12 من الحمل.

Follow by Email
Twitter
Visit Us
Follow Me
LinkedIn
Share