الدهون الأنثوية: وظيفتها وأهميتها في الخصوبة
لطالما كان الحكم يقع على مَظهَر النساء منذ القدم، إذ اعتُبِرَت النساء اللاتي يَزداد وزنهنّ في الوركين والثديين والفخذين أكثر جاذبية من أولئك اللاتي يكون شكل جسمهنّ كالتفاحة ويزداد وزنهنّ في النصف العلوي من الجسم.
تغيير أشكال الجسم
يَختَلِف تَوزّع الدهون في الجسم حسب العمر والجنس. في مرحلة الطفولة، يتماثل شكل جسم الذكور والإناث، ولكن مع البلوغ تَتَدفّق الهرمونات الجنسية التي تَلعب دوراً في تحديد مكان تخزين الدهون خلال سنوات الإنجاب.
الاستروجين هو هرمون الجنسي السائد عند الإناث. يَمنَع الإستروجين تَرسّب الدهون في منطقة البطن ويُحَفّز تَرسّبها في الوركين والفخذين (المنطقة الألويّة الفخذية). أما التستوستيرون, فهو هرمون الأساسي عند الذكور. يُحَفّز التستوستيرون تَرسّب الدهون في البطن ويَمنَع تراكمها في المنطقة الألويّة الفخذية. النساء المصابات بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات غالباً ما يكون لديهنّ نسبة مُنخَفِضة من هرمون الاستروجين ونسبة مرتفعة من الأندروجينات (بما في ذلك التستوستيرون)، كما أنّه كثيراً ما يكون تَوزّع الدهون لديهنّ مشابهاً لتوزّع الدهون عند الذكور.
تُعرف الدهون التي تَتَراكم في البطن باسم الدهون الذكرية، أما الدهون المُخزّنة في الوركين والثديين والفخذين بعد البلوغ تعرف باسم الدهون الأنثوية أو “دهون الإنجاب”. تَتَألّف الدهون الأنثوية من الأحماض الدسمة مُتَعدّدة عدم الإشباع, فهي تؤمن التغذية لنسل الأنثى وتساهم أساساً نحو دفع النموالجنين بشكل صحي أثناء الحمل، ثم تَعمَل كاحتياطي جيد من الطاقة أثناء الرضاعة الطبيعية. بينما تُؤدّي الدهون الذكرية دوراً وقائياً، حيث يتم استخدامها عندما تكون مخزون الطاقة منخفضة.
نسبة الخصر إلى الورك (WHR)
يُقاس تَوزّع الدهون الأنثوية في الجسم باستخدام مقياس نسبة الخصر إلى الورك. عادةً، تكون هذه النسبة أقلّ عند الإناث خلال سنوات الإنجاب من الذكور:
-
النساء الأصحاء قبل سن الأمل: 0.67 – 0.80
-
الرجال الأصحاء: 0.85 – 0.95
بعد سن الأمل، تَزداد غالباً هذه النسبة عند النساء ويُصبِح تَوزّع الدهون في جسمهنّ مُشابه لتوزّع الدهون في جسم الذكور. يَتزامن هذا مع الوقت الذي لم تَعُد فيه المرأة قادرة على الإنجاب، مما يقلل حاجتها إلى مخازن الطاقة الإنجابية.
إنّ مقياس نسبة الخصر إلى الورك فَريد من نوعه من حيث أنّه خاصية الجسم الوحيدة التي تَعمَل بمثابة علامة موثوقة على عمر الأنثى وحالتها الإنجابية العامة.
فوائد انخفاض نسبة الخصر إلى الورك…
ينخفض خطر إصابة النساء اللاتي لديهنّ نسبة الخصر إلى الورك مُنخَفِضة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني و السرطان بأنواعه المختلفة. ويكون لديهنّ عادةً عدد أقل من مشاكل الصحة النفسية ويَكُنّ أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب. يُمكِن أن يُساعد الحفاظ على نسبة مُنخَفِضة من نسبة الخصر إلى الورك (مع ضمان بقاء نسبة من الدهون الأنثوية) بعد سن الأمل في الحماية من تراجع الوظيفة المعرفية.
من منظور تناسلي، يَرتَبِط انخفاض نسبة الخصر إلى الورك مع الدورة الشهرية المنتظمة ومستويات صحية من الإستروجين والبروجستيرون أثناء الإباضة. كما تَتَمتّع النساء ذوات نسبة الخصر إلى الورك المنخفضة ببيئة مُلائِمة لاختراق الحيوانات المنوية في عنق الرحم/الرحم. يُمكِن لنسبة الخصر إلى الورك أن تشير إلى نتيجة علاج الخصوبة أيضاً. ومن المثير للاهتمام إبداء إحدى الدراسات أن جميع النساء اللاتي لديهنّ دورة إباضة مُنتَظَمة سيواجهنَ انخفاضاً في نسبة الخصر إلى الورك عندما يَكُنّ في المرحلة الأكثر خصوبة.
…. ولماذا يمنحك هذا الإنخفاض ميزة من الناحية التطورية
تُعتَبر النساء اللاتي لديهنّ نسبة عالية من الدهون الأنثوية ونسبة مُنخَفِضة من نسبة الخصر إلى الورك أكثر جاذبية. هذه هي الحقيقة التي تَمّت “برمجتها” في عقلنا الباطن وربما تَعود لأسلافنا. سوف تَجِد هؤلاء النساء سهولة في العثور على شريك، وسَيَجِدنَ بعد ذلك أنّ أجسادهنّ مُهَيّأة للانجاب والحمل. كما أنّه عادةً ما تُعاني النساء ذوات نسبة مُنخَفِضة من الخصر إلى الورك من مَشاكل صحية أقل من غيرهنّ، وبالتالي ينقلن لأطفالهنّ عدداً أقل من المشاكل الصحية الوراثية، ممّا يَعني أنّ أطفالهنّ أيضاً لديهم مشاكل صحية قليلة.
تَتَغيّر النزعات مع مرور الوقت ويَتَغيّر معها تَصَوّرنا لشكل الجسم “المثالي”. إلّا أنّ شكل الجسم المشابه للساعة الرملية يبقى مرغوباً، ربما لأنّه يَمنَحنا ميزة بيولوجية ويُشير إلى أنّنا لسنا قادرات على الإنجاب فحسب، ولكن من المُحتَمل أن نُنجب أطفالاً أقوياء وأصحاء.
المصدر:
-
Forte, R, et al. “The Body Fat-Cognition Relationship in Healthy Older Individuals: Does Gynoid vs Android Distribution Matter?” The Journal of Nutrition, Health & Aging, vol. 21, no. 3, 2017, pp. 284–291., doi:10.1007/s12603-016-0783-1.
-
Jasieńska, G, et al. “Large Breasts and Narrow Waists Indicate High Reproductive Potential in Women.” Proceedings, Biological Sciences, vol. 271, no. 1545, 22 June 2004, pp. 1213–1217., doi:10.1098/rspb.2004.2712.
-
Kirchengast, S, and M Gartner. “Changes in Fat Distribution (WHR) and Body Weight across the Menstrual Cycle.” Collegium Antropologicum, vol. 26, Dec. 2002, pp. S47–S57.
-
Singh, D, and D Singh. “Role of Body Fat and Body Shape on Judgment of Female Health and Attractiveness: An Evolutionary Perspective .” Psychological Topics, vol. 15, 2006, pp. 331–350., core.ac.uk/download/pdf/25857452.pdf.