ما هي كؤوس الحيض ولماذا بدأ يزداد الإقبال عليها؟

تُشير التقديرات في العام 2017 إلى وجود نحو 1.9 مليار امرأة حول العالم يحدث لديهن الحيض. وتُعتبر الدورة الشهرية أمراً طبيعياً للغاية وعلامة على الصحّة الإنجابية الجيدة، إلّا أنَّ التحدّث عنها كان يُعتبر موضوعاً مُحرّماً. تَعتبر بعض النساء هذا الموضوع مسألة خاصة بهنّ؛ إذ يتقبّلن فكرة حدوثها علماً أنَّه لا مفرّ منها ولكن دون لفت الانتباه إليها. أمّا بالنسبة للبعض الآخر، فالزمن يتغيّر؛ وقد دخلنا في عصر أصبح فيه التحدّث عن تقلّبات الدورة الشهرية بمثابة “القاعدة الاجتماعية”. وبالتالي، يترافق ذلك مع استعداد ورغبة النساء في التحدّث عن مُختلف مُنتجات النظافة الصحية المُتوفّرة؛ بهدف التعرّف على بدائل الفوط الصحية والسدادات القطنية. ومن بين هذه البدائل, نجد كأس الحيض.

ما هو كأس الحيض؟

كأس الحيض هو عبارة عن جهاز مرن تضعه المرأة داخل المهبل أثناء الدورة الشهرية لجمع الدمّ. ونجد نوعين منه: كأس شبيه بالجرس يتم وضعه في أسفل المهبل، وكأس مُسطّح يتم وضعه أسفل عنق الرحم. ويُحافظ كأس الحيض على 10 إلى 38 مل من الدمّ ويجب إفراغه كلّ 4 إلى 12 ساعة، وذلك حسب غزارة الدورة الشهرية. وتكون عادةً كؤوس الحيض مصنوعة من أنواع طبية من السيليكون، أو المطاط، أو اللاتكس، أو البولمير المرن.

ما هي أوجه الشبه والاختلاف بينها وبين الفوط الصحية والسدادات القطنية؟

تطرّق أحد تحليلات ميتا التي أُجريت على نطاق واسع إلى مدى استخدام كؤوس الحيض، ودرجة التسرّب الناتجة عنها بالإضافة إلى مدى تقبّل النساء لها، وتوافرها وما إذا كانت آمنة للاستخدام. وقام هذا التحليل بالمُقارنة بين 43 دراسة، شاركت فيها 3319 امرأة. ومن أهمّ النتائج التي تمَّ التوصّل إليها، نذكر:

  • يكون خطر حدوث تسرّب ناتج عن كؤوس الحيض هو نفسه أو أقلّ من الخطر الناتج عن الفوط الصحية والسدادات القطنية الغير القابلة لإعادة الاستخدام. 
  • لا تُلحق كؤوس الحيض ضرراً بعنق الرحم أو المهبل. وقد تُسبّب وضعية الكأس الخاطئة انزعاجاً أو ألماً.
  • لا يزيد استخدام كؤوس الحيض من خطر الإصابة بعدوى مُقارنة بمُنتجات النظافة الصحية الأخرى. ولكن، في المُقابل، لا تُوجد الكثير من الأدلّة التي تدعم نظرية أنَّ حاجز الشفط الذي يتم تكوينه يُساعد على التخفيف من نمو أنواع مُختلفة من البكتيريا.
  • انخفاض خطر الإصابة بمُتلازمة الصدمة السمية (TSS).

ما الذي أدّى إلى تغيير الرأي العام؟

ما يُثير الدهشة هو أنَّ كؤوس الحيض مُتواجدة في الأسواق منذ الثلاثينات؛ ولكن بدأ يزداد الإقبال عليها منذ نحو 5 سنوات فقط. ما السبب وراء ذلك؟ في الواقع، تُعدّد المرأة اليوم بعض الأسباب التي دفعتها إلى البدء باستخدام كؤوس الحيض، ونذكر منها:

  • الكلفة. قد تكون الدورة الشهرية مُكلفة جداً. وبالفعل، تُشير بعض البيانات في الولايات المُتحدّة إلى أنَّ المرأة العادية تُنفق بين 50 و150$ سنوياً على مُنتجات النظافة الصحية. وفي المُقابل، سوف تُوفّر النساء الكثير من المال عند استخدام كؤوس الحيض إذ تبقى هذه الأخيرة صالحة حتّى 10 سنوات. وتكون كلفة شراء مُعظمها في البداية بين 20 و40$ فقط.
  • الاستدامة. تُحافظ هذه الكؤوس على كمية أكبر من الدمّ مُقارنة بالفوط الصحية أو السدادات القطنية، ما يعني أنّها بحاجة إلى تغيير/إفراغ بوتيرة أقلّ.
  • صديقة للبيئة. يُمكن استخدام كأس حيض واحد لمُدّة 10 سنوات، وبالتالي لا يتم ردم هذه الكؤوس في المطامر على غرار مُنتجات النظافة الصحية الغير القابلة لإعادة الاستخدام. 
  • خالية من المواد الكيميائية. تُصنع كؤوس الحيض من مواد مُضادّة للحساسية ونادراً ما تُسبّب ردود فعل تحسسية. وعلى عكس السدادات القطنية، لا يُوجد خطر ترسب ألياف كؤوس الحيض داخل المهبل وحتّى اليوم لم يتم الكشف عن أي علاقة بين كؤوس الحيض ومُتلازمة الصدمة السمية (TSS). 
  • تُلائم مُعظم النساء في فترة الحيض. تتوفّر كؤوس الحيض بأحجام مُختلفة، ما يعني أنّها مُناسبة للنساء اللواتي يُعانين من دورات شهرية غزيرة أو خفيفة على حد سواء. كذلك، يُمكن استخدامها قبل الولادة وبعدها. ومن المُحتمل أن تُواجه النساء اللواتي يُعانين من خلل في شكل أو وضعية الرحم صُعوبة في استخدام كؤوس الحيض.

هل من سلبيات؟

من المشاكل الرئيسية التي تُواجهها المرأة عند استخدام كؤوس الحيض، نذكر: الفوضى التي يحدثها إفراغ هذه الكؤوس غير أنّها تستوجب درجة مُعيّنة من العناية. ويُوصي مُعظم مُصنّعو هذه الكؤوس بتعقيمها بين الدورات الشهرية، ما قد يُشكّل ازعاجاً لبعض النساء. 

وبالإضافة إلى ذلك، قد تحتاج بعض النساء إلى فترة زمنية مُعيّنة للتكيّف مع كؤوس الحيض فضلاً عن الحاجة إلى التدريب على استخدامها للشعور بالراحة عند وضعها داخل المهبل

كؤوس الحيض: مثال عن مُستوطنات اللاجئين في أوغندا

قد تمتد إيجابيات كؤوس الحيض أبعد مما يراه الأشخاص الذين يعيشون في الدول المُتقدّمة. لا تحصل آلاف النساء والفتيات في مُخيّمات اللاجئين حول العالم على مياه نظيفة ومرافق صحية مُناسبة. وبالتالي، لا يستطعن تدبير نظافتهنَّ الصحية أثناء الدورة الشهرية بطريقة لائقة أو آمنة. وتُؤدّي هذه الظروف غير الصحية إلى ارتفاع خطر الإصابة بعدوى كما يُؤدّي نقص المعلومات حول النظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية إلى انتشار معلومات خاطئة ومضللة على نطاق واسع. ويُؤثّر ذلك سلباً على الصحّة، والتعليم، ونوعيّة الحياة.

وتُحاول وكالات الأمم المُتحدّة وجمعيّات حماية المرأة تغيير هذا الواقع على الصعيد العالمي. فهي تسعى إلى إزالة وصمة العار المُرتبطة بالحيض وتوفير الموارد والمعلومات التي تحتاجها المرأة لتدبير نظافتها الصحية أثناء دورتها الشهرية. وقامت مُنظّمة WoMena بالتعاون مع سفراء الصحّة العامة في أوغندا Public Health Ambassadors بإنشاء مشروع عُرِفَ باسم “دراسة تدخّل تجريبية حول كؤوس الحيض” لمُساعدة اللاجئات في أوغندا. 

ويسعى هذا المشروع إلى تحقيق هدفين:

١) نشر توعية شاملة حول النظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية، ليس فقط للنساء في مُستوطنات اللاجئين بل للرجال أيضاً. وتم إشراك الرجال بهدف تخفيف وصمة العار المُرتبطة بالحيض وحثّهم على دعم النساء في مجتمعاتهم.  

٢) زيادة تقبّل فكرة استخدام كؤوس الحيض، من أجل تحسين النظافة الصحية بشكلٍ عام أثناء الدورة الشهرية لدى النساء في المنطقة.  

ومن الواضح أنّه في منطقة كهذه، كان من الضروري أخذ بعين الاعتبار التفاصيل المُتعلّقة بكؤوس الحيض التي كان يتم توزيعها. إذ إنَّ الحصول على مياه نظيفة، الأمر الذي يعتبره الكثيرون منّا أمراً مضموناً، غير مُتوفّرٍ في العديد من مُستوطنات اللاجئين. ويُعتبر كأس الحيض BFree مُنتجاً مُبتَكَراً لا يستوجب التنظيف بالماء أو الغلي بغية تعقيمه بين الدورات الشهرية. وبالتالي، فهو مُلائم للاستخدام في سياق إنساني ومن قبل النساء ذوات الدخل المُنخفض.  

وكان من الطبيعي استخلاص دروس من هذه الدراسة التجريبية. ولكن، بشكلٍ عام، كانت النتائج إيجابية. وبحلول نهاية هذه الدراسة التجريبية، استمرّت نحو 91% من النساء اللواتي شاركن فيها في استخدام كؤوس الحيض. وقد أفَدنَ بحدوث انخفاض في التسرّب وتحسّن الثقة بالنفس لديهنّ. كذلك، لم تعد تشعر الفتيات بإحراج كالسابق وازدادت نسبة حضورهنّ إلى المدرسة.

كذلك، قد تحمل زيادة التوعية والتدريب حول استخدام هذه الكؤوس في جميع أنحاء العالم أثراً كبيراً على نوعيّة الحياة والنظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية لدى الكثير من النساء حول العالم. وفي ظلّ تقدّم التكنولوجيا الحديثة، أصبحت كؤوس الحيض مورداً للنساء من مُختلف الفئات الاجتماعية، وبالتالي، بات من الضروري تنفيذ مشاريع شبيهة بالمشروع المذكور أعلاه على نطاق أوسع بعد.

تُعيد شركة نبتة بناء الرعاية الصحية للمرأة. نحن ندعم المرأة في رحلتها الصحية الشخصية من الصحة اليومية إلى التجارب الخاصة بها مثل الخصوبة والحمل وسن الأمل.

تواصلوا معنا في حال لديكم أي سؤال حول هذا المقال أو أي جانب من جوانب صحة المرأة. نحن هنا من أجلكم.   

المصدر: