الوباء السكري: لماذا يقتل الشرق الأوسط؟
هذا الصباح،شاهدت تقريراً يبين زيادة مقلقة في عدد الأطفال والمراهقين الذين يتلقون علاجاً للسكري من النمط الثاني في المملكة المتحدة حيث كان 75% منهم مصابون بالبدانة وقد بلغ أصغرهم سناً بين الخامسة والتاسعة! حقيقةً, يوجد ميل للإصابة المبكرة بالسكري من النمط الثاني في جميع أنحاء العالم وخاصةً في الشرق الأوسط.
ما مدى سوء هذه المشكلة؟
يؤثر السكري في سبعةٍ وثلاثون مليون شخصاَ في المنطقة أو في واحد من أصل عشرة بالغين تبعاً لمنظمة الصحة العالمية و يُعتَبَر أحد أخطر العوامل المسببة للموت في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بعد الأمراض القلبية الوعائية، السكتة، ذات الرئة والحوادث المرورية آخذين بعين الإعتبار أن الأمراض القلبية الوعائية والسكتة هي أحد تبعات السكري. تكون نسب الإصابة أكثر ارتفاعاَ في منطقة الخليج على الرغم من احتواء مصر على عدد كبير من المصابين بالسكري كونها أحد أكثر البلدان اكتظاظاً بالسكان، يؤثر السكري في 24% من مجموع السكان في المملكة العربية السعودية, 23% في الكويت و19% في الإمارات العربية المتحدة. فمن المتوقع مضاعفة هذه الأرقام مرتين أو ثلاث مرات في بعض المناطق مثل الإمارات العربية المتحدة بحلول عام 2035.
كانت التبعة الاقتصادية كبيرة جداً، فقد تم تسجيل 363,000 حالة وفاة بسبب السكري تحت سن الستين في عام 2014 حيث يجب أن تمثل هذه الفئة العمرية أحد الفئات العاملة الصحية في الظروف الاعتيادية كما تجاوز الإنفاق السنوي على السكري 16.8 بليون دولار ومن المتوقع ازدياده إلى 24.7 بليون دولار بحلول عام 2035 مع احتمال حدوث عجز لأنظمة الرعاية الصحية.
تكمن المأساة الحقيقية أن نسبة الإصابة بالسكري من النمط الثاني نسبةً إلى النمط الأول هي 10: 1 أي يمكن تجنب 10 من أصل 11 حالة من مرض السكري والاستفادة من تسعين بالمئة على الأقل من مجمل 500 بليون دولار يتم انفاقها على علاج السكري في المجالات البحثية لعلاج الأمراض التي لا يمكن تجنبها.
ما الذي يجب فعله للحد من انتشار هذا الوباء؟
لحسن الحظ، يبدأ الحل بتغيير نمط الحياة مع مقاربة ترتكز على حرق السكاكر عوضاً عن السعرات الحرارية.
يتصف المصاب بالسكري من النمط الثاني بعدم تحمله للسكر، حيث يكون الجسم غير قادراً على إزالة السكر الزائد مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم التي تتسبب بتبعيات خطيرة مثل اعتلال الشبكية، الأمراض القلبية والسكتة. يكون المفتاح الرئيسي للسيطرة على السكري من النمط الثاني هو تخفيف الكمية المتناولة من السكر لأنه يتحول في أجسامنا إلى غلوكوز سوآءا أكان بسيطاً، مضافاَ أو معقداً.
لتوضيح هذه النقطة، ألق نظرة على هذين الاختيارين "النموذجيين" للفطور الصباحي. يتألف الفطور الأول من رقائق النخالة والحليب الطازج الخالي من الدسم إضافةً إلى شريحة من التوست الكامل القمح وكأس من عصير التفاح. أما الفطور الثاني فيتألف من أومليت البيض والجبن والفطر مع كوب من القهوة والحليب الكامل الدسم.
يعتقد الكثير من الأفراد الذين يتحلون بالوعي الصحي أن الفطور الأول هو الخيار الصحي لاحتوائه على القمح الكامل، الألياف، عصير الفواكه والحليب قليل الدسم. تبدو النتائج مفاجئة عند الأخذ بعين الاعتبار كمية السكر الموجودة في الفطورين السابقين حيث يحتوي الفطور الأول على 16.3 ملعقة من السكر بينما يحتوي الفطور الثاني على أقل من ملعقة واحدة من السكر. يوصي خبراء التغذية بأن يكون 5% من مجمل السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم من السكاكر-أي ما يعادل سبعة ملاعق- فنجد أن الفطور الأول يعادل احتياج يومين كاملين من السكر. حقيقةً, ليس من المفاجئ تراكم السكر حتى لدى الأفراد الذين يتسمون بالوعي الصحي مع تخفيه في الأطعمة التي قد تبدو صحية،
توجد العديد من المراجعات المنهجية لتقييم نتائج الحميات التقليدية قليلة الدسم ومقيدة السعرات الحرارية مقارنةً مع الحمية قليلة الكربوهيدرات حيث بينت هذه النتائج أن اتباع الأفراد لحمية قليلة الكاربوهيدرات حسَن مستويات الكولسترول والضغط الانقباضي لديهم و جعلهم أكثر عرضةً لخسارة الوزن و قلل مستويات الانهاك لديهم. لو كان الخيار بيد المرضى لاختيار نظام علاجي بدلاً من توجيهات الصحة العامة لتوجهوا لاتباع نمط غذاء منخفض الكربوهيدرات عوضاً عن مقيد السعرات الحرارية.
إيجاد الحل
Diabetes.co.uk
هو أحد أكبر وأكثر المجموعات المختصة بالسكري تفاعلاً في العالم التي توفر شبكة دعم ونقاش لأكثر من 10% من المجموعات المصابة بالسكري. لقد أمضى هذا الموقع ثلاث سنوات في تطوير سلسلة من المداخلات الرقمية المبنية على أحدث الدراسات و التي أثرت على نتائج المرضى الصحية ايجاباً.
Low Carb Program
النظام العائد لذاك الموقع هو أول نظام تعليمي في العالم يسمح بالولوج الكامل للأشخاص المصابين بالسكري من النمط الثاني ويركز على التغيرات البسيطة والمستدامة في حمية الفرد . يوجه هذا النظام المستخدمين عبر سلسلة من الدروس يدعمها تطبيق متعدد المنصات وكذلك شبكة دعم على الانترنت متوفرة أربع وعشرون ساعة يومياً.
يهدف هذا النظام إلى تخفيض خضاب الغلوكوز السكري (متوسط مستوى الغلوكوز في الدم لمدة تسعين يوماً) الذي يُستَخدَم كمؤشر هام للضبط والسيطرة على السكري فيعادل انخفاض خضاب الغلوكوز السكري ب 1% انخفاض خطورة تعرض الفرد للبتر بنسبة 43%، الساد (إعتام العدسة العينية) بنسبة 16% والفشل القلبي بنسبة19%.
أحرز هذا النظام نجاحاً بارزاً، فكان مجمل مجموع الوزن الذي خسره مئة وخمسون ألففرد شاركوا فيه هو 1.8 مليون كغ أي بمعدل 12 كغ للشخص الواحد. شوهد انخفاضاً ملحوظاً في خضاب الغلوكوز السكري بنسبة 35% مما جعله ينتقل بالتصنيف الملرضي إلى فئة عدم الإصابة بالسكري من النمط الثاني في حين يستطيع واحد من أصل خمسة أشخاص التوقف عن أخذ دواء لعلاج السكري على الأقل.
في الختام…
إن الرسالة بسيطة للغاية: تناول السكر بأي شكل من أشكاله يرفع مستويات الغلوكوز الدموي و يتسبب يالعديد من التبعات مقارنةً بتناول كميات أقل من السكر مع استهلاك المغذيات الحقيقية بشكل أكبر يمنع تطور السكري من النمط الثاني ويعاكسه نهائياً.
إذا تم وضع 33.6 مليون مصاب يعانون من السكري من النمط الثاني في الشرق الأوسط وشمال افريقيا على هذا النظام ،سيتخلص 11.7 مليون شخص من السكري مما يوفر على المنطقة البلايين التي تُنفَق سنوياً على العلاج.
لا يجب أن يقتل السكري الشرق الأوسط فقد حان الوقت للحكومات المحلية أن تقوم باستثمار الوقت والمال في الأنظمة التعليمية المتعمدة على الدليل وتبدأ بمحاربة هذا الوباء.