حبوب منع الحمل
عُرِفَت حبوب منع الحمل الفموية منذ أيار 1950 وسُوّقَت في البداية كوسيلة لتنظيم الدورة الشهرية؛ فهي تحتوي على نُسَخ اصطناعية من الهرمونات الجنسية الأنثوية الأستروجين والبروجستيرون. صُمّمت هذه الهرمونات الاصطناعية لتُحاكي فعالية الهرمونات النظيرة الموجودة داخل الجسم لكن دون أن يحدث تَغيّر دوري في مستوياتها على طول الدورة الشهرية بعكس الهرمونات الطبيعية، ممّا يعني عدم وجود ما يؤدي إلى إطلاق البويضة من المبيضين وبالتالي تَوقّف حدوث الإباضة. بدون إباضة لا يمكن أن يحدث التلقيح.
لقد تَغَيّر تركيب حبوب منع الحمل عن ما كان عليه في البداية. كانت تَحتَوي حبوب منع الحمل الأولى على 9.85 ملغ من البروجستين و150 ميكروغرام من الاستروجين، بينما اليوم تحتوي حبوب منع الحمل على نسبة تتراوح بين 0.1- 3 ملغ من البروجستين و20- 50 ميكروغرام من الاستروجين. لقد جَعَل هذا التعديل في التركيب استخدام حبوب منع الحمل اليوم أكثر تحديداً من الناحية الدوائية وأكثر أماناً. فاستخدام أقلّ من 50 ميكروغرام من الاستروجين يعني عدم ازدياد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
إنّ تَطوّر حبوب منع الحمل يعني أنّه ولأوّل مرّة يُمكن للنساء السيطرة على خصوبة لديهن وتنظيم الأسرة. إلّا أنّ استخدامها على مدى السنوات ال 70 الماضية قد شُوّه بالتناقضات والمزاعم المُزَيفة والشائعات مما أدَى إلى عدم تأكد الناس اليوم فيما إذا كانت حبوب منع الحمل جيدة أو مذمومة.
الإيجابيات
تقوم حبوب منع الحمل بمنع الحمل غير المرغوب به، إضافةً إلى احتوائها على العديد من الفوائد الهرمونية غير المرتبطة بمنع الحمل. يتمّ استخدامها لعلاج الدورة الشهرية الغزيرة والمُؤلمة وغالباً ما يتمّ وصفها لمرضى متلازمة المبيض المتعدد الكيسات، بالإضافة إلى معالجة الأعراض غير المرغوب فيها لفترة انقطاع الطمث بما فيها الهبّات الساخنة والدورة الشهرية غير المنتظمة. كما أنّها تُقلّل من الآثار الجانبية السلبية لمتلازمة ما قبل الحيض كتقلّبات المزاج والتشنّجات. بالنسبة للنساء اللواتي يُعانين من نزيف حاد مُتعب، يمكن لحبوب منع الحمل أن تُقلّل من ذلك النزيف ومن مُعدّلات استئصال الرحم وتُحسّن بشكل كبير من طبيعة الحياة ممّا يجعلها أداة قيّمة لمعالجة أعراض بطانة الرحم الهاجرة لدى النساء اللاتي لا يَرغَبنَ في الحمل.
كما ثَبُتَ أنّها تحمي من كلّ من سرطان المبيض (تقليل الخطر النسبي بنسبة 20% لكل خمس سنوات من الاستخدام) وسرطان بطانة الرحم (تقليل المخاطر بنسبة 50% بغض النظر عن مدّة الاستخدام).
تحمي حبوب منع الحمل من الحمل غير المُخطّط له والذي يُعتَبر عموماً أكثر خطورة على المستوى الجسدي والنفسي من استخدام وسائل منع الحمل.
السلبيات
تَرتَبط الكثير من سلبيات حبوب منع الحمل بتحديد الآثار الجانبية الضارة لها. حيث يُقال أنّ حبوب منع الحمل تزيد من خطر الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية (جلطات الدم). في الواقع، يكون خطر الإصابة بتجلط الدم عند من يتناولن حبوب منع الحمل وهن غير مدخنات هو 9.1 من كل 10،000. في المقابل، يكون خطر الاصابة بجلطة دموية أثناء الحمل الطبيعي أو الصحي هو 30 من كل 10,000. لذلك، يُوصَى بتوخّي الحذر وأن تختار النساء اللاتي لديهنّ تاريخ عائلي من الجلطات الدموية وسيلة منع حمل بديلة عن حبوب منع الحمل. يحرص الأطباء أيضاً على توخّي الحذر عند وصف حبوب منع الحمل للنساء المدخنات اللاتي تجاوز عمرهنّ ال35 عاماً بسبب زيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية لديهن. كما لا يُنصَح باستخدام حبوب منع الحمل المُرَكّبة لأولئك اللاتي يُعانين من الشقيقة المُصاحبة بأَوْرَة. ممّا يُسلّط الضوء على الحاجة لأنْ يطّلع الطبيب على السجل الطبي المُفصّل لكل مريضة قبل اختيار نوع وسيلة منع الحمل.
تَرتَبط حبوب منع الحمل بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وعنق الرحم والكبد. إلّا أنّ البيانات محدودة وأيّ خطر مُتَعلّق بذلك يختفي بعد خمس إلى عشر سنوات من تَوَقّف العلاج. يُعتَقَد أنّ حبوب منع الحمل تكون سبباً في أقلّ من 1% من حالات سرطان الثدي، حيث وَجَدت العديد من الدراسات أنّ استخدام حبوب منع الحمل لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي على الإطلاق.
كما ذكرنا سابقاً، يُمكن استخدام حبوب منع الحمل لعلاج الحالات ذات العوامل الهرمونية مثل بطانة الرحم الهاجرة ومتلازمة المبيض المتعدد الكيسات. إلّا أنّه في حالة متلازمة المبيض المتعدد الكيسات تكون فوائدها المُحتَملة غير أكيدة. غالباً ما ترتبط متلازمة المبيض المتعدد الكيسات ارتباطاً قوياً بزيادة مقاومة الأنسولين ونظراً لأنّ العديد من أنواع حبوب منع الحمل تُضعِف حساسية الأنسولين فإنّها ليست الخيار المثالي لعلاج هؤلاء المرضى. هذا لا يعني أنّها لا تُوصَف باستمرار، ولكنّه يعني أنّه يجب عليكِ التفكير فيما إذا كان هذا هو أفضل خيار علاجي لكِ. ناقشي الإيجابيات والسلبيات مع طبيبك قبل البدء في أيّ دواء.
إضافة إلى ذلك، يجب مُراعاة فكرة أنّ حبوب منع الحمل لا تُنظّم الدورة الشهرية؛إذ لا يكون النزف الشهري الحاصل حيضاً حقيقياً بل نزيف ناتجاً عن طرح حبوب منع الحمل. إذا كانت الدورة الشهرية لديك غير منتظمة قبل بدء تناول حبوب منع الحمل، فمن المحتمل العودة إلى حالة مماثلة بمجرّد التوقّف عن تناولها.
آخر ما يجب ملاحظته هو أنّه بمُجرّد التوقّف عن تناول حبوب منع الحمل, قد يَستَغرق الأمر شهوراً أو في حالات نادرة سنوات حتى تُصبِح الدورة الشهرية منتظمة.
تمتلك حبوب منع الحمل تاريخاً معقداً، ولكنها تبقى وسيلة منع الحمل المُختارة من قِبَل كثير من النساء نتيجة فعاليتها التي تساوي 92% (99% إذا تمّ تناولها بشكل صحيح ومنتظم).
أدّت حبوب منع الحمل إلى ظهور وسائل منع الحمل الهرمونية البديلة بما فيها “حبوب منع الحمل المُصغّرة” التي تحتوي على هرمون البروجسترون فقط والأجهزة التي توضَع داخل الرحم والحُقن الذي منَح النساء خيارات أكثر من أيّ وقت مضى للتحكّم بخصوبتهنّ. حقيقةً, تعتمد جميع هذه الخيارات على التنظيم الهرموني، عادةً بوجود مُنتَجات اصطناعية، ممّا يعني أنّه حتى الآن، في القرن الحادي والعشرين، لا يزال التلاعب بأجسام النساء مستمراً للسيطرة على الخصوبة.
تُعيد شركة نبتة بناء الرعاية الصحية للمرأة. نحن ندعم المرأة في رحلتها الصحية الشخصية من الصحة اليومية إلى التجارب الخاصة بها مثل الخصوبة والحمل وسن الأمل.
تواصلوا معنا في حال لديكم أي سؤال حول هذا المقال أو أي جانب من جوانب صحة المرأة. نحن هنا من أجلكم.
المصدر:
- Cibula, D, et al. “Hormonal Contraception and Risk of Cancer.” Human Reproduction Update, vol. 16, no. 6, 2010, pp. 631–650., doi:10.1093/humupd/dmq022.
- Liao, P V, and J Dollin. “Half a Century of the Oral Contraceptive Pill: Historical Review and View to the Future.” Canadian Family Physician, vol. 58, no. 12, Dec. 2012, pp. e757–760.
- Trussell, J, and B Jordan. “Reproductive Health Risks in Perspective.” Contraception, vol. 73, no. 5, May 2006, pp. 437–439., doi:10.1016/j.contraception.2006.01.008.
- “Combined Pill.” NHS, www.nhs.uk/conditions/contraception/combined-contraceptive-pill/. Page last reviewed: 06/07/2017.
- World Health Organisation [website] Family planning. Fact sheet no. 351. July 2012. Available from: www.who.int/mediacentre/factsheets/fs351/en/. Accessed 15th April 2019.