ما الذي يُسبّب بطانة الرحم الهاجرة؟

تنمو خلايا بطانة الرحم كلّ شهر وتَثخن هذه البطانة استعداداً لانغراس بويضة مُلقّحة، فإذا لم يتم ذلك تُلقى معظم الأنسجة خلال الدورة الشهرية للمرأة.

تُعرَف بطانة الرحم الهاجرة بأنّها حالة ينمو فيها هذا النسيج ويثخن في أجزاء أخرى من الجسم. عادةً في منطقة الحوض في قناتي فالوب وحول المبيضين و “جيب دوغلاس”. إلّا انّه يمكن أن تنمو بطانة الرحم الهاجرة أيضاً في أماكن أبعد كالأمعاء والبطن وفي حالات نادرة في الرئتين. على عكس أنسجة بطانة الرحم الطبيعية التي تتمّ إزالتها شهرياً وإلقاؤها عن طريق المهبل، فإنّ النسيج الذي ينمو ويتراكم في مكان آخر من الجسم ليس لديه مكان ليُطرح عبره، وبالتالي يبقى حيث هو ممّا قد يُسبّب تفاعلات التهابية مزمنة وألماً والتصاقات.

لم يُعرَف حتى الآن ما الذي يُسبّب بطانة الرحم الهاجرة إلّا أنّه هناك عدة نظريات.

نظرية تنسج الجوف العام

تَنُصّ نظرية تنسج الجوف العام على أنّ بعض الخلايا الموجودة داخل الحوض والتي لها أصل جنيني مماثل تتحوّل إلى حدّ ما إلى خلايا بطانة الرحم، ويُفتَرض أنّها استجابة لتحفيز هرموني أو بيئي. هذه النظرية لا تُفسّر المواقع البعيدة لبطانة الرحم الهاجرة.

نظرية الراحة الجنينية

التفسير الآخر المُقتَرح هو نظرية الراحة الجنينية. تَفتَرض هذه النظرية أنّ خلايا بطانة الرحم تَتشكّل خارج الرحم قبل الولادة. ثمّ تَنمو مع البلوغ وزيادة مستويات هرمون الاستروجين وتُشكّل آفات تُسبّب ألماً وأعراضاً أخرى مُرتبطة في كثير من الأحيان ببطانة الرحم الهاجرة.

نظرية زرع خلايا بطانة الرحم

أكثر النظريات المقبولة على نطاق واسع هي زرع خلايا بطانة الرحم. تَفتَرض هذه النظرية أنّ خلايا بطانة الرحم تَنتَقِل عن طريق مجرى الدم أو الجهاز اللمفاوي إلى مواقع بديلة. تندرج في هذه النظرية عملية  الحيض الرجعي، حيث يَتدفّق دم الحيض إلى قناة فالوب. رغم أنّ هذه النظرية تحظى باحترام كبير ومعقولة إلّا أنّ المشكلة هي أنّ ما يصل إلى 90% من النساء تعاني من الحيض الرجعي ولكن 6-10% فقط يتمّ تشخيصهنّ ببطانة الرحم الهاجرة سريرياً. لذلك، يجب أخذ عوامل أخرى بالاعتبار كوجود خلل هرموني في كثير من الأحيان أو مشكلة في الجهاز المناعي أو الاستعداد الوراثي.

دور الهرمونات والجهاز المناعي

ينمو نسيج بطانة الرحم استجابةً لارتفاع مستويات هرمون الاستروجين. يبدو أنّ النساء المصابات ببطانة الرحم الهاجرة لديهنّ مستويات عالية من أحد الإنزيمات المسؤولة عن تنشيط الاستروجين (سينثاز الاستروجين) ممّا يُؤدّي إلى زيادة تركيز الهرمون. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أنّ خلايا بطانة الرحم تُقاوم الآلية المناعية، فإنّ تحديد الأجسام المُضادّة لبطانة الرحم في دم النساء المصابات ببطانة الرحم الهاجرة يُشير إلى أنّ الحالة قد تكون من أمراض المناعة الذاتية. إلّا أنّه لا يوجد حتى الآن إجماع واضح حول ما إذا كان يجب تصنيفها على أنّها كذلك أم أنّها حالة التهابية.

بطانة الرحم الهاجرة وعامل الوراثة

يبدو أنّ الوراثة تلعب دوراً في الإصابة ببطانة الرحم الهاجرة، فإصابة إحدى أفراد الأسرة المُقرّبة بهذه الحالة تزيد من خطر إصابتك بها بمُعدّل يصل إلى ست مرات. تمّ تحديد وجود تَغَيُر في الحمض النووي لدى النساء المصابات ببطانة الرحم الهاجرة معتدلة الشدّة، وقد كشفت الدراسات الحديثة التي رسمت الخريطة الجينومية للنساء المصابات ببطانة الرحم الهاجرة عن تشوّهات وراثية محدّدة بالمقارنة مع الضوابط الصحية. يُعَد تشخيص بطانة الرحم الهاجرة تحدّياً، ولكن العمل على الاختلافات الوراثية يتيح إمكانية استخدام مؤشرات حيوية تعتمد على لوحة من الجينات من أجل التشخيص بواسطة فحص الدم.

في الختام، ربّما لا توجد إجابة بسيطة وواضحة عن سبب حدوث بطانة الرحم الهاجرة. والأرجح أنّ العديد من العوامل تلعب دوراً في حدوثها مثل العوامل الفيزيولوجية المَرضية والهرمونية والجينية. ومّا يزيد التعقيد هو وجود عوامل مُعيّنة تزيد من خطر تطور الحالة؛ مثل بدء الدورة الشهرية في سنّ مبكرة وأن تكون مدة الحيض أقصر من المتوسط (أقل من 27 يوماً) وعدم الإنجاب أبداً وغزارة الدورة الشهرية.

تُعيد شركة نبتة بناء الرعاية الصحية للمرأة. نحن ندعم المرأة في رحلتها الصحية الشخصية من الصحة اليومية إلى التجارب الخاصة بها مثل الخصوبة والحمل وسن الأمل.

تواصلوا معنا في حال لديكم أي سؤال حول هذا المقال أو أي جانب من جوانب صحة المرأة. نحن هنا من أجلكم. 

المصدر:

  • Ahn, S H, et al. “Pathophysiology and Immune Dysfunction in Endometriosis.” BioMed Research International, vol. 2015, 2015, p. 795976., doi:10.1155/2015/795976
  • Burney, R O, and L C Giudice. “Pathogenesis and Pathophysiology of Endometriosis.” Fertility and Sterility, vol. 98, no. 3, Sept. 2012, pp. 511–519., doi:10.1016/j.fertnstert.2012.06.029.
  • Greene, A D, et al. “Endometriosis: Where Are We and Where Are We Going?” Reproduction, vol. 152, no. 3, Sept. 2016, pp. R63–78., doi:10.1530/REP-16-0052.
  • Sapkota, et al. “Meta-Analysis Identifies Five Novel Loci Associated with Endometriosis Highlighting Key Genes Involved in Hormone Metabolism.” Nature Communications, vol. 8, no. 15539 , 24 May 2017, doi:10.1038/ncomms15539 .
  • Informed Health Online [Internet]. Cologne, Germany: Institute for Quality and Efficiency in Health Care (IQWiG); 2006-. What causes endometriosis? 2008 Feb 25 [Updated 2017 Oct 19]. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK279503/
  • “What Causes Endometriosis?” SPEAKENDO.com, AbbVie, www.speakendo.com/about-endometriosis/causes.
  • “Genome-Wide Association Study Identifies Variations in the DNA of Women That Predispose Them to Developing Endometriosis.” Endometriosis.org, 12 Dec. 2010, endometriosis.org/news/research/genome-wide-association-study-identifies-dna-predisposing-women-to-endometriosis/.